وسط مخاوف الصيادين ومستهلكي «السوشي»
حملات دولية لحظر صيد «التونا الزرقاء»
رويترز
صيادون في ميناء ماهاشي قرب العاصمة التايلاندية بانكوك
آخر تحديث: الأحد 28 فبراير 2010 الساعة 10:00PM بتوقيت الإمارات
عماد الدين زكي
يزيد مسؤولون أوروبيون ضغوطهم لأجل التوصل إلى حظر دولي على سمك التونا أزرق الزعانف المهدد بالانقراض والمعروف بلحمه الشهي المستخدم في طبق السوشي الشهير. ولكنهم يواجهون صعوبة في صياغة قانون متوازن تُراعى فيه اعتبارات مصالح صناعة صيد الأسماك في البحر المتوسط ومتعة المستهلكين عشاق السوشي في اليابان ومناطق أخرى ومصير نوع من السمك يقول بعض الخبراء إنه على وشك الانقراض.
وفي أحدث خطوة تجاه حماية سمك التونا، قالت فرنسا مؤخراً إنها ستؤيد فرض حظر على الاتجار الدولي لسمك التونا أزرق الزعانف اعتباراً من يوليو 2011. غير أن هذا التأييد الذي تبديه فرنسا منطوٍ على بعض العقبات منها إرجاء فرض الحظر 18 شهراً (من أجل الحصول على المزيد من البيانات العلمية) ما يعني فتح موسمين اثنين لصيد التونا. كما قالت فرنسا إن الحظر يتعين ألا يطال مبيعات التونا التي تصاد بالصنارة والتي تباع في أوروبا.
وفي شهر يوليو الماضي، اقترحت موناكو إدراج التونا أزرق الزعانف شرق الأطلسي والمتوسطي ضمن الملحق (1) من الأنواع المهددة طبقاً لاتفاقية الاتجار الدولي في أنواع الحيوان والنبات المهددة. وهذا الإدراج إذا تم سيكفل درجة الحماية نفسها التي يحظى بها حيوان الباندا وبعض أنواع الحيتان والتي ستحظر فعلياً الاتجار الدولي لهذا النوع من السمك. وسيتم طرح الاقتراح رسمياً عندما تجتمع 175 دولة الأعضاء في المعاهدة الشهر القادم في الدوحة بدولة قطر.
ويذكر أن نحو 80 في المئة من حجم صيد سمك التونا أزرق الزعانف يصدر إلى اليابان. كما يصدر سمك التونا إلى الولايات المتحدة التي ليس في وسعها تلبية الطلب المحلي من مصادرها المحلية التي أسيء استخدامها إلى درجة كبيرة. وتراجعت مخزونات سمك التونا مع زيادة الطلب على “السوشي” من جهة ومن جهة أخرى استحداث مراكب صيد قوية متخصصة (مزودة بشبكات صيد ضخمة) تعرف باسم المبرسينة. وقد بلغ مخزون الاطلسي حالياً أقل من 15 في المئة من أعلى مستوياته السابقة بحسب ما خلص إليه فريق من خبراء من دول صيد التونا في اجتماع عقد في شهر أكتوبر في مدريد. كما خلصت لجنة من منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة في ديسمبر إلى أن هذا النوع من سمك التونا يفي بمعايير إدراجه الملحق(1) للاتفاقية.
يذكر أن المقترح الفرنسي بإرجاء تنفيذ الحظر قوبل بعبارات الاستنكار من نشطاء البيئة ودعاة حمايتها الذين يرون أن موجودات سمك التونا في شرقي المحيط الأطلسي وفي البحر المتوسط بلغت فعلاً مستويات دنيا كارثية. ويقول سيرجي توديلا رئيس برنامج مصائد البحر المتوسط “هذا الإرجاء محبط. فالمعلومات المطروحة على الطاولة أكثر من كافية. ونحن نطالبهم بالتنازل عن هذا الشرط. ومع ذلك تعتبر هذه الخطوة إيجابية. ذلك أن فرنسا أدركت أن إدراج هذا النوع من السمك بالملحق هو الطريقة الوحيدة لإنقاذه”.
وسرعان ما أعرب قطاع الصيد عن عدم قبوله لذلك، إذ قال مراد كحول رئيس الجمعية الأوروبية المتوسطية لصائدي الأسماك المحترفين إن منظمته التي تمثل أسطول صيد الأسماك بالقطاع تبذل كافة ما في وسعها من مساع لتغير الحكومة قرارها في هذا الشأن. وأثار مراد مشكلة مراكب الصيد التي تكلفت 3 ملايين يورو من عدة سنوات مضت خصيصاً لصيد سمك التونا وتساءل عن سبب تركهم من قبل السلطات يبنون هذه المراكب ثم يطالبونهم اليوم بتفكيكها. كما قال إنه لو حدث أن طبَّق الحظر فيتعين تعويض أصحاب المراكب عن ديونهم برمتها وحصولهم على 6 يورو عن كل كيلوجرام من حصتهم المخصصة من سمك التونا. كذلك يعارض قطاع صيد السمك الأميركي إدراج سمك التونا ضمن قائمة الأنواع المهددة بحسب ريتش دوايس المدير التنفيذي للجمعية الأميركية لسمك التونا أزرق الزعانف الذي يعتقد أن إدراج سمك التونا في القائمة سيسبب أضراراً تفوق منافعه.
وكانت فرنسا ضمن الاتحاد الأوروبي قد أشادت في أول الأمر باقتراح موناكو ولكنها انضمت بعد ذلك لعدد من دول صيد التونا منها إيطاليا وإسبانيا المعارضة لذلك المقترح. وينبغي الآن على الرئيس الفرنسي **ولا ساركوزي في صياغته لموقف فرنسا أن يوازن بين التأييد العام لحظر الاتجار في سمك التونا أزرق الزعانف وبين المناشدة العامة التي أطلقها الأمير ألبرت الثاني أمير موناكو مع خشية احتمال أن يسعى الصيادون الغاضبون إلى محاولة إحراج ح** (ساركوزي) يمين الوسط قبل انتخابات مارس الإقليمية من خلال إعاقة الموانئ الفرنسية.
أما اليابان فلن تعلن رسمياً بعد عن موقفها، رغم أن العديد من المراقبين يتوقعون أن تعارض اليابان المقترح مثلما حدث في عام 1992 حين سعت السويد إلى إدراج سمك التونا أزرق الزعانف في قائمة الأنواع المهددة. بينما قالت إدارة أوباما إنها مبدئياً تؤيد موناكو غير أنها لم تعلن عن موقفها النهائي.
ويقول روايس إن مسؤولين يابانيين أخبروه بأن طوكيو سترفض المقترح مع تحفظها رسمياً لو حدث أن تم تقييد الاتجار في سمك التونا وهو ما سبق أن فعلته اليابان في مسألة الحوت أحدب الظهر. وإذا ظلت السوق اليابانية مفتوحة رغم وجود حظر اتجار تونا فإن كل التقدم الذي أحرزته المفوضية الدولية للحفاظ على تونا الأطلسي لصيد الأسماك غير المشروع سيذهب هباء. وأضاف أن حظر الاتجار في التونا سيخلق سوقاً سوداء ضخمة.
ومع ذلك لا يوجد ما يضمن أن تعود أعداد سمك التونا إلى النمو إذا تم تفعيل الحظر. ويشير روبيرتو ميلجو بريجازي، صاحب مزارع سمك تونا سابق والذي يعتبر حالياً من مؤيدي حماية هذا النوع، إلى أنه من خلال دراسته لسجلات اتجار اليابان في هذا القطاع تبين له أن كميات سمك التونا قد تدهورت تماماً. وأضاف أنه حتى لو أدرج سمك التونا أزرق الزعانف ضمن الأنواع المهددة، فإن ذلك لن يعني سوى إعلان شهادة ببداية انقراضه.
عن “انترناشيونال هيرالد تريبيون”