فِنجان قهوة بِلا سُكّر

فِنجان قهوة بِلا سُكّر


كانت الشمس ضيفة دافئة في ذلك النهار حين حملت فنجان قهوتها ..ورفيقها الدائم القلم الذي تلفه بضع ورقات بيضاء تنتظر هطول الحِبر..فذهبت الى زاوية من شرفتها لتجلس في هدوء تنشده,في حضرة الأزهار التي تتغنج تحت أشعة الشمس سعيدة بنسمات خفيفة تداعب أوراقها,كم تُحب أن تكون برفقة هذا السِحر.فكانت ترى أن غذاء الروح هو من جمال الطبيعة,لذلك كانت في كل فصول السنة تتواعد معها..وفي كل مشهد تكتب تقلبات السنة والزمن معاً.
تحسست سخونة الكوب الذي تحمله وتذوّقت قليلا من قهوتها المُرّة..
فهي لا تُحّب إضافة السُكّر,كي لا تضيع نكهة القهوة بغلاف حلو لا يليق بلونها الأسود.
وامسكت قلمها لتكتب شيئاً,أي شيء..لا بدّ أن تكتب في حرمة هذا السكون وتحت ظِلال هذا الجمال.
لكنها سرحت بأفكارها وأخذتها الى الأمس البعيد.
تذكرت خيالها في وقت مضى حين كانت تُحدّث نفسها عن حلول سنة الألفين..
إنها بداية لقرن جديد,كانت تقول :في سنة الألفين سأكون في سن الإدراك والوعي الكامل حتما سأكون على مشارف إنتهاء دراستي أو قد أكون قد اكملتها.كانت تتخيل مشهد حياتها وهي تنعم بأسرة جميلة
بزوج تحبه ..ويحبها
باستقرار نفسي وعائلي يجعلها ترفرف كفراشة في أنحاء منزلها لتحط حينا على ملامح حبيب وحينا على براءة طفولة وأحيانا على أصدقاء وأهل..
ما أجملها من صورة رسمتها وجعلت لها بروازا لامعا لِتحفظ تفاصيل مستقبلها كي لا يعكر صفوه شيئا أبدا.


أخرجها مما هي به عصفور يصرخ خوفا من غُراب يتبعه.
فامسكت بفنجان قهوتها وأخذت منه رشفة ..
فتّذكرت مذاق قهوتها سابقا التي كان يغلب عليها الطعم الحلو..
كما كانت بخيالها تضيف على المستقبل الكثير من السُكّر.


الآن عوّدت نفسها أن لا تُغلف قهوتها بثوب أبيض..عليها أن تُدرك ان القهوة ستبقى سوداء..وأحيانا قليلا من السُكر يكفي ,فلا داعي لتزوير الحقائق..