مهنة «القلاف» مهددة بالانقراض
* سعر «السمبوك» يصل إلى مليون ريال.. و2000 ريال للتأجير
* عدم وجود مكان على الشاطئ ونقص المواد الخام أهم المعوقات
كتب - حسين أبوندا:
المراكب الخشبية (السمبوك) التي تزين الشواطئ القطرية تعد إرثاً ثميناً من الماضي، فمازالت محتفظة بجمال تصميمها لتظل امتداداً للتراث وماضي قطر العريق، فلم يعد الإبحار بـ (السمبوك) محتكراً على الصيادين بل أصبح قِبْلة للسياح والمواطنين الذين يقضون فيه ساعات ممتعة وسط البحر.
إلا أن مهنة صناعة المراكب التي يطلق على صاحبها «القلاف» تعاني العديد من المشاكل والتحديات في مقدمتها عدم وجود موقع يطل على البحر لممارسة المهنة، فضلاً عن تراجع عدد العاملين من القطريين ما يهددها بالانقراض، رغم ما تدره عليهم صناعة «السمبوك» من عائد مالي، حيث يصل سعر المركب الى مليون ريال، فيما تصل قيمة التأجير 2000 ريال في 6 ساعات، فضلا عن العائد المادي الكبير لصيانة المراكب.
«الراية» فتحت ملف مهنة «القلاف» المهددة بالانقراض، وأسباب عزوف القطريين عن العمل بمهنة الأجداد، والمشاكل التي تواجه العاملين بالمهنة، وذلك في لقاء مع عدد من العاملين بإحدى الورش المتخصصة في ترميم المراكب الخشبية على مقربة من ميناء الكورنيش.
يقول عبدالعزيز محمد - أحد المواطنين الذين يملكون ورشة لترميم المراكب الخشبية على كورنيش الدوحة : السمبوك هو قارب خشبي تقليدي يدخل في صناعته الخشب وبعض المواد التي يتم طلاء (اللنشات) ووجوده في الشواطئ القطرية هو بمثابة رمز للتراث القطري الأصيل وامتداد للماضي العريق وكان الأجداد يستخدمونه لصيد الأسماك وعلى أيامهم كانت اللنشات الخشبية (السمبوك) تعتبر أحد أهم الصناعات وذلك لاعتمادهم على صيد الأسماك لتأمين لقمة العيش.
ويضيف: إعادة ترميم السفن من الحرف القديمة في قطر المهددة بالانقراض رغم حرص الدولة على دعمها من خلال منع استخدام اللنشات المصنوعة من (الفايبر غلاس) في طلعات الصيد وبات الاعتماد الأول على (السمبوك) في صيد الأسماك بهدف الحفاظ على الموروث الأصيل في موانئ الصيد القطرية، وقد ساعد القرار في زيادة عدد اللنشات الخشبية (السمبوك) خلال السنوات الأخيرة في الشواطئ القطرية وأصبح استخدامها لا يقتصر على صيد الأسماك فقط وباتت مقصدا للكثير من السياح والمواطنين والمقيمين الذين يفضلون القيام برحلات بحرية على ظهرها ويجدها السياح فرصة لزيارة الجزر القطرية ،خصوصا جزيرة السافلية.
وأكد عبدالعزيز أن (السمبوك) كاد أن يتعرض في فترة من الفترات للانقراض لولا حرص الجهات المعنية على تسليط الضوء عليها في العديد من الفعاليات التراثية، الا ان المهنة تعاني من عزوف الشباب القطري على تعلمها رغم ما تدره من أرباح كبيرة ، فضلا عن حاجة العاملين بتلك المهنة الى ورش مطلة على الخليج لتسهيل مهمة التصنيع والصيانة للمراكب الخشبية بدلا من الموقع الحالي على كورنيش الدوحة، لافتا الى أن العمل في الورشة الحالية يقتصر على إعادة ترميم للمراكب فقط، وهو ما يتطلب توفير الدعم اللازم للنهوض بالمهنة لأن عملية ترميم المراكب تكلفتها عالية وقد تقارب تكلفة صناعة لنش جديد.
ويضيف: يقوم العاملون بالورشة الآن بترميم قارب خشبي يرجع تاريخه إلى نصف قرن من الزمان ، وهو بالطبع ثروة تراثية نادرة تحتاج صيانتها الى أكثر من عام بكلفة تصل الى مليون ريال.
وعن الصعوبات التي يواجهها أصحاب الورش في عملية ترميم قوارب (السمبوك) يقول عبدالعزيز : أهم تلك المشاكل هي قلة الأخشاب والمواد الأولية التي تستخدم لصيانة اللنشات في الأسواق المحلية، فأغلب المواد والأخشاب يتم استيرادها.
وينصح عبدالعزيز الشباب القطري بالعمل في مهنة (القلاف) لإحياء تلك المهنة التراثية، وتطويرها، لافتا الى ان عائدها كبير لكنها تحتاج الى دعم الجهات المعنية، فضلا عن العمل على إنشاء جمعية لصانعي المراكب لتدريب العاملين بالمهنة والعمل على تطويرها وحل مشاكلها، خاصة ان كثيرا من الشباب القطري على استعداد للعمل بتلك المهنة اذا توافرت لها مقومات التطوير والنجاح.
ويؤكد محمد حسن الخداعي - أحد أصحاب ورش ترميم المراكب - أن أسعار المراكب الخشبية تتراوح ما بين مليون إلى مليون ونصف مليون ريال ودولة قطر تعتبر السباقة لإعادة إحياء مهنة الـ (اوشار) وهو المسمى الذي يطلق على من يقوم بترميم المراكب لحرص الجهات المعنية على إحياء التراث الوطني الأصيل.
ويقول: اللافت للنظر أن السمبوك لم يعد مقتصرا على صيد الأسماك بل أصبح أحد المعالم السياحية في قطر ووجهة يقصدها السياح للقيام بجولات بحرية ويتم تأجير السمبوك بمبلغ يبدأ من 2000 ريال في فترة 6 ساعات وجميع المراكب السياحية مجهزة بأحدث وسائل الراحة والأمان ومن يقوم بدخولها يتفاجأ بوجود غرف نوم وتلفزيونات مشابهة لليخوت الفخمة.
وعن السبب في عدم قيامهم بصناعة مراكب جديدة يقول الخداعي: الأخشاب والخامات الأولية لصناعة المراكب غير متوفرة في قطر فضلا عن غلاء ثمنها خاصة في بعض أنواع الاخشاب المستخدمة لصناعتها والتي يطلق عليها (الساي) والذي يتميز بتحمله للرطوبة ودرجات الحرارة المرتفعة ومياه البحر لان المركب يظل سنوات طويلة داخل البحر ولا يحتاج صيانة إلا في فترات متباعدة مؤكدا أن جميع ورش ترميم اللنشات في الدوحة تتعمد استخدام مواد أولية فاخرة ومطابقة للمواصفات العالمية من ناحية الامن والسلامة والجودة.
ويؤكد الخداعي أن الهدف من إعادة ترميم اللنشات الخشبية لحرص الدولة على منع اندثار (السمبوك) والذي يعد جزءا لا يتجزأ من التراث القطري الأصيل ولله الحمد أن الدولة كان لها اليد في إحياء المهنة من خلال الدعم المادي والمعنوي الذي تقدمه لأصحاب الورش مؤكدا أن عملية إعادة ترميم السمبوك تحتاج إلى دقة وعناية فائقة يقوم بها حرفيون من أصحاب الخبرات الطويلة في نفس المجال ولا يتمكن نجار عادي من العمل بها.
ويرى أحمد حسين الماجد أن اعادة ترميم المراكب هي خطوة جديرة بالاحترام لأنها قاربت على الاندثار في فترة من الفترات ومن الجميل أن يتم دعم الحرف التي تبرز تاريخ قطر وطالب الجهات المختصة بالاهتمام بمنطقة الورش في الكورنيش وتنظيف موقع الورشة باستمرار بدلا من ترك الموقع على حاله لأن عملية تنظيف الموقع سيعمل على إبراز الشكل الجمالي لمنطقة الورش في الكورنيش لافتا إلى أن موقع الورش أصبح أحد المعالم السياحية التي يأتي إليه السائحون لمشاهدة العمال وهم يقومون بترميم اللنشات والتقاط الصور التذكارية في موقع الورشة.