صيادو «ثول» في ورطة!
بدر بن أحمد كريِّم
سخر الله لهم البحر، يؤكلون الناس منه لحما طريا، ينطلقون في الغسق، ولا يدري أحدهم متى يعود، وإذا عاد فعلى كتفيه، ما يسر الله له من الصيد، أحله الله له، وينفق ثمنه لسد رمق أفواه مفتوحة.
إنهم صيادو الأسماك في «ثول» تفاءلت حينما قرأت في وقت سابق، عن إنشاء معهد لتدريب الشباب السعوديين على مهنة صيد السمك، وأساسياتها في محافظة جدة، بغية توطين المهنة، التي توارثها الأبناء عن الآباء والأجداد، وإيجاد فرص عمل حتى لمن لا يحملون أي مؤهلات دراسية.
وأصبت بالصدمة، وقد صنف هؤلاء الصيادون، على أنهم متنزهون !! يستلقون على شواطئ البحر الأحمر، مودعين التعب، وباحثين عن الراحة !! وأي راحة تلك وهم: بين أحضان بحر، لا يدري أحدهم أيعود منه أم لا يعود، ومع ذلك فهم مطالبون بدفع رسوم، على قواربهم الصغيرة، وهذا «سعيد الجدعانـي» و «عطية الجحدلي» و «مسفر عطية» و «محسن الجحدلي» (نماذج من صيادي ثول) يبدون تذمرهم من «ترحيل بسطاء الصيادين، وتجفيف منابع أرزاق أطفالهم، وتحويلهم إلى مستهلكين وليسوا منتجين» (صحيفة المدينة المنورة، 16 من ذي القعدة 1431هـ، ص 7).
يحدث هذا في ظل المعطيات التالية:
ــ (85%) منهم، تجاوزت أعمارهم العقد الخامس.
ــ (24) ألف صياد وافد، يتنقلون في المياه السعودية.
ــ (70%) من الأسماك المباعة في الأسواق السعودية تأتي من: تايلاند، وفيتنام، وعمان، والإمارات العربية المتحدة.
ــ (500) مليون ريال، حجم سوق الأسماك المستوردة.
ــ (50 %) من الأسماك فقط، من إنتاج السواحل السعودية.
ــ انقراض الأيدي السعودية، التي تصيد الأسماك.
ــ ترك بعض الصيادين السعوديين قواربهم على الشواطئ ، لتهالك الآليات المستخدمة في الصيد، وقدمها.
ــ وجود آليات حديثة يستخدمها الوافدون في الصيد.
ــ أقل من (50%) من مجموع إنتاج السمك، مصطاد من الشواطئ السعودية على ساحل البحر الأحمر.
ــ سيطرة العمال الوافدين، على وظائف قطاع الإنتاج الثانوي من الصيد.
ــ تعرض الموارد السمكية السعودية، للاستغلال المكثف.
ــ زيادة كبيرة في حجم الطلب على الأسماك والروبيان، نتيجة زيادة عدد السكان السعوديين، والتغير البيئي البحري.
ــ استهلاك منطقة الرياض أكبركمية من الأسماك، بحكم التغير الذي حدث في ثقافة المستهلك السعودي.
الصيادون في «محافظة ثول» كغيرهم من الصيادين السعوديين، احترفوا مهنة الصيد منذ القدم، توارثوها عن أجدادهم وآبائهم، أحدهم: راتبه التقاعدي لا يفي بحاجات أسرته، فاضطر لمصارعة الموج، وثانيهم: يسد عجز موازنة أسرته بصيد السمك، وثالثهم: أجبره مستوى دخله، وحاجة أطفاله وأسرته، على إلقاء نفسه في البحر، ورابعهم: لا يسمح النظام بمنحه رخصة صيد لكونه متقاعدا، وخامسهم: يطالب بتمكينه من الحياة بكرامة، وعزة نفس.
هؤلاء يكسبون قوتهم من عرق جبينهم، تركوا من خلفهم ذرية ضعافا، وعيونا مفتوحة، وأفواها تنتظر كسرة خبز، هؤلاء ليسوا متنزهين قادرين على دفع رسوم، بينما هم في مواقف الإنصات لهدير البحر، هؤلاء يحلمون بمستقبل، يقدرون فيه على مواجهة تحدياته.
مطلب صيادي ثول بسيط: «إعفاؤهم من الرسوم المفروضة على قواربهم الصغيرة، وتمكينهم من مكرمة خادم الحرمين الشريفين، التي كفلت لهم الصيد، بحرية، وبدون أي قيود».