مادلين كلاب: ابنة غزة الوحيدة التي تمتهن صيد الاسماك لمساعدة عائلتها بعد اضطرار ابيها للتوقف عن العمل
الأثنين أغسطس 16 2010
مادلين تركب امواج بحر غزة
لندن – – فتاة في السادسة عشرة من العمر، امامها والد مقعد وعائلة تحتاج لمن يعيلها خلف موانع الحصار الاسرائيلي، تعلمت مواجهة المياه الخطرة لتحصل على صيد بسيط في مواجهة اخطار كثيرة. تلك هي حكاية مادلين كلاب في سطور.
تضيف مراسلة صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية كاترينا ستيوارت في وصف ما تعانيه مادلين قائلة انه "فيما تضرب الامواج شاطئ غزة على البحر الابيض المتوسط، لا ينثني محمد كلاب عن توجيه ابنته الكبرى مادلين وتحميلها التعليمات التفصيلية في كيفية الابحار في مياه البحر حتى تتمكن من الحصول على ما تصيده من الاسماك لعشاء عائلتها تلك الليلة.
وينظر الاب الى الافق لمشاهدة قوارب الصيد الاخرى فيما كانت مادلين وشقيقتها الصغرى وشقيقها الصغير يسحبون قارب العائلة الخشبي نحو الماء. ويقول: "الخطر يكمن في عمق البحر. لم يخرج أحد للصيد. لكنني اصدرت توجيهاتي اليهم، وقلت لهم ما يجب عليهم ان يفعلوه".
تقفز العائلة الى القارب ويبدأ التجذيف. كانت هناك لحظات من التأرجح، لكن ما لبث القارب ان تخطى الامواج الكاسرة في اتجاه عوامة بعيدة. ومادلين (16 عاما) هي صيادة الاسماك الوحيدة في غزة. وهي تتحدى باكثر من طريقة التقاليد داخل مجتمع مسلم يحافظ على القيم التقليدية.
ليس امامها الا القليل من الخيارات. فوالدها يعاني من نوع من الشلل وضع نهاية لنشاطه في صيد الاسماك. اما والدتها فلا تحصل الا على قدر يسير من المال لقاء عملها في الحياكة، الامر الذي يضطر العائلة الى الاعتماد على معونات الغذاء الدولية. غير ان عائلتها تحتاج الى بضعة كيلوغرامات من السمك الذي تصطاده مادلين.
تقول مادلين: "دربني والدي على الصيد مذ كنت صغيرة. وقد اعتمد علي وانا بعد في الثالثة عشرة من العمر". لكنها مسؤولية ثقيلة بالنسبة الى فتاة يانعة، وان كانت ضرورية. فمنذ ان فرضت اسرائيل الحصار البري والبحري على غزة قبل ثلاث سنوات بهدف اضعاف "حماس"، جاهدت العائلات لتغطية احتياجاتها اليومية.
وقد تسبب الحصار، الذي يعتبر اقتصاديا الى حد كبير في طبيعته، في هبوط الصناعات الزراعية وعمليات التصنيع الى عُشرها، ومُنع الفلسطينيين من مغادرة القطاع بحثا عن
مادلين كلَاب صيادة الاسماك الغزية الوحيدة
عمل في اسرائيل. وتصل البطالة الى نسبة اعلى من 40 في المائة، ويعتمد اكثر من 80 في المائة من اهالي غزة البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة على المعونات الغذائية.
وقد دفع الوضع مادلين، التي كانت تحلم بان تصبح مصممة ازياء، الى القيام بدور يسيطر عليه الرجل بالكامل. لكنها لم تتخل عن التقاليد كلها – حتى لغايات الصيد والغوص، فانها تعتمر غطاء الرأس والثوب البسيط الذي يغطي معظم بنطالها.
وفي مساء كل يوم، تسحب مادلين وشقيقها الصغير قعيد وشقيقتها ريم القارب الى المياه لالقاء الشباك طوال الليل، ويستعيدونها صباح اليوم التالي في حوالي الساعة السابعة صباحا. وفي بعض الاحيان يبدأ العمل في وقت ابكر.
انه عمل مرهق وفي بعض الاحيان يكون خطرا. فثلاثتهم تنقصهم القوة لاعادة القارب الى وضعه الطبيعي في حال انقلابه في الماء، وقد اعتمدوا على مساعدة الصيادين القريبين في بعض الاحيان. وفيما كان والد مادلين ينتظر بفارغ الصبر على الشاطئ عودة الابناء يمر صياد ليقول له مستعجبا "ارسلتها الى دخل البحر في هذا الجو؟ الامواج مرتفعة وعالية. كيف يمكنها ان تتصرف؟"
ولم يكن غريبا على كلاب ان يسمع التشاؤم والاستغراب لقيام ابنته بمهمة صيد الاسماك اذ لا توجد فتيات يسبحن حتى في الماء. ثم ان حركة "حماس" قامت بحملة لفرض مستويات اخلاقية بين ابناء الجالية المسلمة، ومنها حظر تدخين النارجيلة على النساء وتشجيعهن على ارتداء الحجاب والملابس الفضفاضة.
غير ان ردود فعل معارف عائلة كلاب قلما تكون استنكارا بقدر ما هي قلق على سلامة الابناء.
ولا يكتفي الصيادون في غزة بالتنافس مع العوامل المختلفة، وانما ايضا مع مصاعب البحرية الاسرائيلية. فاذا هم تخطوا حدود ثلاثة اميال التي تفرضها اسرائيل، فانهم يخاطرون باطلاق القوارب الاسرائيلية النار عليهم. وليس غريبا على الجالسين في المطاعم الممتدة على شاطئ مدينة غزة بعد العشاء سماع زخات البنادق سريعة الطلقات تنطلق في البحر.
لكن مادلين وشقيقها وشقيقتها لا يغامرون بالدخول الى ذلك البعد خاصة وان القارب ليس له محرك. اما ما تصيده الشباك فانه لا يتجاوز السردين الذي تجتذبه اضواء قوارب الصيد. ويتذكر كلاب الذي فر من
الاخوة كلَاب خلال اعداد الشباك قبل الابحار
مدينة عسقلان العام 1948 انهم كانوا يصطادون اسماكا اكبر مثل سمك البوري والهامور.
ويقول: "كان هناك الكثير من السمك وكنا نكسب مالا كثيرا، اذ كانت حصيلتنا تصل الى 15 او 20 كيلوغراما من الاسماك". واشار الى ان تلك الصناعة كانت تخضع لفئة قليلة من العائلات. الا انه بعد نفاد الفرص الاقتصادية، ازداد عدد الفلسطينيين الذين تحولوا الى صيد الاسماك كوسيلة للعيش "واليوم كل فرد صياد سمك".
ونتيجة لذلك تضاءلت اسماك المياه الضحلة في غزة بسبب تزايد عمليات الصيد، واخذ الصيادون في استخدام شباك صغيرة الفتحات لضمان الحصول على اسماك صغيرة.
وبموجب اتفاقات اوسلو للسلام، فان الصيادين الفلسطينيين كان يُسمح لهم بالصيد الى مسافة 20 ميل بحري من الشاطئ. لكن اسرائيل خفضت المسافة الى 12 ميلا ثم الى ستة اميال والان الى ثلاثة. وقامت اسرائيل احيانا بحظر خروج القوارب الى ما بعد حدود الميناء.
على ميناء الصيد الرئيسي لغزة، كان هناك بضعة رجال يصلحون شباكهم التي تبرعت بها وكالات الاغاثة. وقام احدهم بالكشف عن قدمه ليظهر اثار رصاصة من البحرية الاسرائيلية. ويقولون ان الوضع ميؤوس منه. وكانوا يكسبون ما بين 300 و 500 شيكل (50 الى 80 جنيها استرينيا) في اليوم، ولكنهم اليوم لا يحصلون على اكثر من 50 شيكلا في افضل احالات. وقد صادرت البحرية الاسرائيلية شباك احد الرجال الذي قال انه تحمل خسارة تصل الى الفي دولار.
وعلى الرغم من ذلك، فإن سياسة إسرائيل، التي يسميها المنتقدون "العقاب الجماعي"، فشلت في خلق أي تدن لافت في شعبية "حماس"، حتى ولو كان الكثيرون يتملمون سرا من الفساد.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]